ولن يكتب لها النجاح

"صفقة القرن" استنساخ لمشروع جون كيري للسلام الاقتصادي ولن يكتب لها النجاح

  • "صفقة القرن" استنساخ لمشروع جون كيري للسلام الاقتصادي ولن يكتب لها النجاح

افاق قبل 5 سنة

 "صفقة القرن" استنساخ لمشروع جون كيري للسلام الاقتصادي ولن يكتب لها النجاح

المحامي علي ابوحبله

بدأت معالم خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرّق الأوسط والمعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن" تتكشّف يوماً بعد يوم، مع إعلان البيت الأبيض أنّ الولايات المتّحدة ستعقد ورشة عمل اقتصادية دولية في العاصمة البحرينية المنامة في أواخر حزيران "للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية"، ليكون بذلك الإعلان الفعلي لبدء المرحلة الأولى من الخطّة التي ستكون البحرين مسرحاً لها، والتي يعدّ كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر عرّابها إلى جانب مبعوث واشنطن إلى المنطقة جيسون غرينبلات.

وجاء في بيانٍ مشترك للبيت الأبيض والمنامة نشرته شبكة "CNN" أنّ "مملكة البحرين ستستضيف بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية ورشة العمل الاقتصادية "السلام من أجل الازدهار" في المنامة في الـ25 والـ26 من حزيران 2019".

وأشار البيان إلى أنّ "ورشة العمل هذه ستشكّل فرصة جوهرية للقاء الحكومات والمجتمع المدني والقادة الاقتصاديين بهدف تشارك الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات وتوفير الدعم للاستثمارات الاقتصادية المحتملة والمبادرات التي يمكن التوصل لها باتفاقية سلام"، مضيفاً أنّ "ورشة "السلام من أجل الازدهار" ستوفّر نقاشات حول طموح ورؤية قابلة للتحقيق وإطار عمل يضمن مستقبلاً مزدهراً للفلسطينيين والمنطقة، بما في ذلك تعزيز إدارة الاقتصاد وتطوير رأس المال البشري وتسهيل نمو سريع للقطاع الخاص".

ونحن نقلب صفحات التاريخ كان لا بد لنا وان نمر مرور سريع على خطة جون كيري للسلام الاقتصادي وقد سبق وان رفضتها القيادة الفلسطينية " وقد استدرك "كيري" زيارته الثالثة في غضون أسبوعين فقط، بإعلانه أن جهوده ستتركز في هذه المرحلة على تحقيق تقدم في الوضع الاقتصادي بالضفة الغربية، من خلال تجنيد كافة القدرات ومنظمات المساعدة التنموية، لإيمانه بأن تحسينه سيخلق أجواء تفيد بتحقيق تقدم في القناة السياسية، وأن انتعاشه سيساعد على خلق أجواء ثقة بين الطرفين.

علماً بأن هذا الطرح الأمريكي طيلة فترة السنوات السابقة   يتوافق مع ما أعلنه "نتنياهو"  قبل سنوات خطه ، تضمن "السلام الاقتصادي" أولاً بين الشعبين، ولذلك قامت إسرائيل قبل عشر سنوات  أثناء زيارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إليها بالإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية, وتعهدت الإدارة الأمريكية في تلك الفتره بتقديم نصف مليار دولار، للمساهمة بتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية بعد أن شابها التوتر والإضرابات التي قد تفلت من عقالها، وتتحول إلى انتفاضة شعبية.

القناعة الفلسطينية  الراسخة بأن الترويج لدعم الاقتصاد لصالح التقدم في المحادثات السياسية أمر ثبت فشله، لأنه لا يمكن إيجاد اقتصاد قوي في ظل الاحتلال، كما أن المسألة بالدرجة الأولى قضية تحرر وطني لشعب محتل، وعودة ما زال أكثر من نصفه مشرداً خارج وطنه التاريخي في المنافي والشتات.

أن السلام الاقتصادي بالنسبة للفلسطينيين أمر مرفوض طالما بقي الاحتلال، وطرحه يؤكد صوابية القرار الفلسطيني وموقفه من الاداره الامريكيه التي يفقدها نزاهتها  وحياديتها وثبت دعمها بالمطلق لإسرائيل ، فالمطلوب هو إنهاء الاحتلال، وليس تنمية اقتصادية تطيل عمره، وتذهب بالحقوق السياسية والقانونية للشعب الفلسطيني، لأن أي تنمية اقتصادية مقبولة للفلسطينيين تقاوم الاحتلال، وتعمل على إنهائه.

يتضح من إعلان البيت الأبيض نيته طرح المرحلة الأولى من خطته للسلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلامياً بإسم "صفقة القرن" والمتمثلة بالشق الاقتصادي مع ضبابية الحلول السياسية، أنه لا أحد يعلم تحديداً ما هو التكتيك الذي تنتهجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

فالتسريبات التي خرجت حول الصفقة الأمريكية طيلة الفترة الماضية لم تسعف أحداً في فك الشيفرة الخاصة بالأسلوب أو المضمون خاصتها؛ والدليل أنه خلافاً لما قيل عن الإعلان عن كل البنود الشهر المقبل، فإن البيت الأبيض سيعلن مضامين اقتصادية لا سياسية وأمنية بالمرحلة الأولى.

وقد يكون التلميح للشق الاقتصادي مجرد تمويه تتبعه الإدارة الأميركية، لتوفير عنصر "المفاجأة" لدى الأطراف جميعها لأنها واقعياً ستعلن عن كل البنود الشهر القادم؛ أملاً في عمل إرباك لديها يحول دون الترتيب المسبق لقول كلمة "لا" سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين. الحقيقة، لا أحد لديه جزم مُطلق بصحة هذا التخمين من عدمه. قد يكون صحيحاً، ربما.

البيت الأبيض يقول إنه سيكشف النقاب عن الجزء الأول من خطة ترامب التي طال انتظارها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما يعقد "ورشة عمل اقتصادية" في البحرين يومي 25 و26 يونيو/حزيران لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لعل التساؤل الأبرز في هذا السياق، يتركز على أسباب رغبة الولايات المتحدة بأن تبدأ بإعلان الشق الاقتصادي الخاص بصفقة القرن دون السياسي والأمني؟.. هل هي (الصفقة) قائمة فعلياً على مراحل تتسم بالتتالي لا بالتوازي؟ أم هي محاولة من واشنطن للهروب ب"ذكاء" من استحقاق هذه الصفقة التي تشعر أن مصيرها الفشل، كونها لن تكون مرفوضة فلسطينياً فقط بل وإسرائيلياً أيضاً؟

مصادر مطلعه تؤكد تحفظات من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على بنود في صفقة القرن، المزمع إعلانها بعد عيد الفطر.

ويبدو أن نتنياهو مرتاح في مكنونات نفسه من تأخره في تشكيل حكومته الجديدة تحت حجة أن مفاوضاته مع أحزاب اليمين "عسيرة" إثر اشتراطاتها المعقدة، فهو يريد أن يقول بذلك للولايات المتحدة أن حكومته القادمة ستكون فيها قوى لن تقبل بمضامين في صفقة القرن.

وهذه نقطة مركزية تدركها واشنطن، ويظهر أن الأخيرة لا تريد تفجير خطتها بالمسارعة إلى الإعلان عن مضامينها السياسية، ما يعني أن هذا التكتيك المبني على نشر الشق الإقتصادي من صفقة القرن ثم المقترحات السياسية والأمنية لاحقاً- إن صح- مبني على المزاج والمصلحة لإسرائيل. فالمعضلة هنا ليس فقط الرفض الفلسطيني وإنما الإسرائيلي أيضاً.

فهل تريد واشنطن قتل صفقة القرن عبر إعلان شقها الاقتصادي أولاً؛ ذلك أن الطرف الفلسطيني سيرفض ذلك، وسيتعطل إعلان المراحل التالية؟

وفيما يبدو أنّ "صفقة القرن" ستنطلق من البّوابة الاقتصادية، إلا أنّ علامات استفهام تُطرح بشأن مقترحاتها السيّاسية التي لا تزال طيّ الكتمان "الرّسمي" حتّى الساعة، في وقتٍ يستنكر فيه المسئولون الفلسطينيون المساعي الأميركية معتبرين أنّ واشنطن ليست "وسيطاً عادلاً" وهي ستكون منحازة بشدّة إلى إسرائيل.

 

 

 

  

 

التعليقات على خبر: "صفقة القرن" استنساخ لمشروع جون كيري للسلام الاقتصادي ولن يكتب لها النجاح

حمل التطبيق الأن